يوم من حياتي واخر يوم في حياته 12 /10/1432هـ.
اول قصصي بعد طول انقطاع من كتابة القصص فصبرا على وصبرا معي حين قرائتها لطولها الذي لم استطع اختصار الا بعض
الاحداث نظرا لشدة ارهاقي النفسي عند كتابتها فالتمس انا ودموعي منكم العذر على كل خطاء املائي او خطاء لغوي او من تذبذب
اسلوبي في السرد والاختصار عذرا منكم .
كان يوم مرهق جسديا وشاق بالنسبه لي لانه اول ايام بدئي الفعلي للوظيفه
فالكوني المعلمه الوحيده الجديده في تلك المدرسه كلفت بما يطاق ومالايطاق
عدت منه بجسد منهك خائر لاحراك فيه دخلت منزلي وبدات دوامي الاخر الذي لم
لم اشعر بنفسي الا وانا اعمل برغم من تعبي مع امكانية تأجيلي لذلك العمل حتى
ارتاح لا اعلم ولكن يبدوانني كنت اخبر بشي او انبه به لازلت لم اعلم مالذي دعاني
لعدم تاجيل اعمال منزلي لبعد اخذي قسطا من الراحه المهم اني ذهبت لغرفة نومي
بعد تلك الاعمال الشاقه في البيت وخارجه ونمت ساعه او ربما ساعتين حتى العصر
قمت وجلست اكمل اعمال المدرسه حتى صدح المؤذن لصلاة المغرب انجزت فرضي وذهبت لمنزل اهلي
من اجل السلام عليهم والذهاب لزيارة احدى الجارات ومواساتها لحزنٍ اصابها
مررت بابي ووجدته ياكل واصر علي انا اشاركه ولكني رفضت لاني لا اشتهي شيئ الآن
قال هل كنتِ صائمه
قلت لا يأبي اليوم لم اصم لانه كان يوم شاق لي فاخترت تأجيل الصيام حتى الغد
قال لماذا واقفه اجلسي
قلت مستعجله سنذهب لتلك المرآه المحزونه ثم اعود لانه لدي اعمال كثيره جدا
ستجعلني اذهب لدوام الغد بدون نوم
قال لماذا اريحي نفسك واتركي هذه الوظيفه لستِ بحاجتها
قلت هي شيئ يقضي على فراغي الذي يقتلني يأبي حتى تأتيني وظيفة افضل
شعرت بأصرار داخله على بقائي ولكن غم قلبي عن الاصغاء لذلك الشعور الذي كان
يجذبني للبقاء تلك هي الحياه تجر فيها جرا وراء متطلباته ولاتفوق الا حين تصعق
بصدماتها
سالته قبل ان اغادر كيف تجد صحتك اليوم
قال الحمدلله لااشتكي سوا من بعض الغثيان الحارق وغيره قد زال
قلت الحمد لله غدا سازوركم عصرا حتى اجلس معكم
قال حياك الله يا ابنتي
خرجت من عنده ولم اعلم باني قد عققته بتركي له
انهيت كل ماخرجت من اجله وعدت الي منزلي في حوالي الساعه التاسعه مساء
وضعت الطعام لهم وذهبت اكمل اعمال المدرسه التي طلبت مني
واذ بأبني يصرخ علي ماما ماما أبي(يقصد به والدي الذي هو جده ) لايستطيع التنفس
كان منزلهم قريبا جدا من منزلي ذهبت مسرعه حافية القدمين انا وزوجي
بلباس لما يستره الا عبائتي لم اشعر ببعد المسافه بيننا كتلك اللحظه
دخلت غرفته وجدته ممد على الارض وامي وخالي واخي يحاولون حمله
اسرعت انا وزوجي لمساعدتهم دون جدوى لم نستطع حمل ذلك الرجل الشجاع القوي
لم نستطع ذهبوا ليحضروا رجال اكثر ليحملونه
اسرعت ووضعت اذني على صدره لم اسمع دقات قلبه رفعت راسي مصعوقه قول لااله الا الله يا ابي
انطق الشهاده يا ابي كان قد مات فعلاً
لم تصدق امي قالت ابتعدي اخذت امي بعمل تنفس صناعي له
وكنت اقول لهاامي دعيه ياامي والله ابي قد مات وهي تصرخ لا انه في غيبوبة سكر انا متاكده
حضنت يده هي ما استطعت الوصول اليها فامي كانت بيننا تعمل على انعاش ميت
وانا ابكي بجوارها واردد دون شعور أبي أبي أبي حتى جاء الرجال وحملوه
قالت امي هيا لنذهب للمستشفى معهم
قلت لن اذهب
قالت امي انا ساذهب
قلت لها امي اقسم بانه ميت لاتذهبي
لم تصغي الي ذهبت
جاء اخواتي وانا اقول ابي قد مات صعقت اختي الصغرى وارتعبت لبست عبائتها واسرعت
الى المستشفى مع خالتي وبقيت اختي التي قبلها وانزوت فوق سرير ابي
وسألت :.... هل مات أبي فعلا
هنا انتبه افقت اشفقت عليهن تذكرت اعتماد ابي علي وكأنني رجل ولست أمراه
قلت لاباذن الله لن يمت واخذت اردد واضمها بأذن الله لن يموت
وداخلي قد تمزق وهو مؤقن بأني ابي غادرة روحه هنا على ارض هذه الغرفه
ليس في البحر كما كنا نخاف وليس في حادث كماكنا نرتعب في كل مره يخرج منها من المنزل
ليس في شيئ هنا وفي وسط عائلته فارق الحياة بدون عوده
جاء الاهل مسرعون لمنزلنا او بالاحرى لمنزل جدي الذي سكنه ابي منذ7سنوات تارك منزله
وكل شيئ من اجل امر الطبيب نظرا لأرتفاع منزلنا
جأت بنات خالتي مهرولات الينا يريدون تكذيب الخبر نظروا لي ولاختي
قالواماذا حدث
قالت اختي ابي مريض
هنا لم استطع البكاء ولا الاستمرار في البقاء معهم
غادرت المكان ولحقت بي احداهن
قالت مابك
قلت ابي مات
قالت لا انه حي سترين الاخبار بعد قليل سياتون بها
قلت لا والله اقسم بالله انه قد مات فأنا رأيت الموت في جداي وادركت علاماته وأبي
قد لحق بهم وهوعندالرفيق الاعلى الآن
صعقت قالت لا لاتقولي كذلك والله لم يمت
قلت والله ثم والله ثم والله بأنه مات وانا لله وانا اليه راجعون اللهم اني اسألك الرحمة والمغفرة لأبي
والصبر والجبر ولنا في مصابنا
وماهي دقائق الا والجميع قد بدا النحيب والبكاء والسقوط واحده تلو الاخرى
لم ولن نستطيع ارجاع ضحكه واحده من ضحكات ذلك الجبل الصامد
ذلك الجبل الذي سقط ذات يوم بمرض قوي اجمع كل الاطباء لو اصيب به غيره لمات في التو واللحظه ولكنه تعافى تمام منه
ذلك الجبل الذي عارك امواج البحر طوال عمره ولم يستطع البحر حتى اشراقه بقطرة ماء
ذلك الجبل الذي صارع الظروف وصارعته وهو وحيد يتيم ولكن لم يستطعه احد كان قوي بنفسه
عزيزا شجاع
مات نعم مات بهدوء وسلام فجاءه بين اهله ضاحك بوجه طفلته المدلـله التي لم يترك يدها الغضه الا بعد انا سقط ارض
ذلك ابي وهو الموت اقوى من كل قوي الا الله
ذلك ابي وهو الموت موقف كل شيئ
ذلك ابي وهو الموت مسكن كل متحرك
ذلك ابي وهو الموت حد قاطع لكل شيئ الا رحمة رب العباد
بعد موت ابي قامت اختاي وامي بسرد بقايا وقائع تلك اللحظات المؤلمه التي غادرنا فيه
ذلك الجبل
قالت اختي الصغري جاء ابي من المسجد بعد صلاة العشاء متأخرا ذلك اليوم
فقد صعد الى منزلنا ليراه
قلت متى لم اشعر بحضوره الى المنزل ولم اسمع بابه يفتح وذلك لاني اسكن في نفس منزل في دوره السفلي
قالت لقد ذهب فقط لمشاهدة المنزل
قلت بل لتوديعه فقد كان يعشقه ولايرتاح الا فيه لولا مرضه الذي حرمه من الصعود اليه نظرا لارتفاعه
قاطعت ابنتي قالت انا استقبلته عند دخوله وقبل انا اصعد لمنزلنا وموته بلحظات قبلته في يده وراسه
وكانت معي (لوله ) تلك الطفله التي سلبت قلب ابي بحبها
قال اين تذهبين وانت مرتديه عبائتك
قالت لمنزلنا يا ابي
قال اتركي ليال لدي ونادي عليهم يأتون لي ثم اصعدي
قالت ابنتي حاضر يا ابي ولكني انتظرك غدا لاصنع لك صحن الباميه كما وعدتك
قال لها كلمته الشهيره التي تعني تلبيته وتحمسه للامور
(مايحتاج )
ولكن ليس غدا بعد غدا لاني
سأذهب الى اختي جدتك غدا
قالت ابنتي بعد غدا ليس هناك اشكال
تقول ناديت اختي له
(تقصد خالتها نظرالان ابنائي تربوا في منزل والدي يقولون لاخواتي وابي وامي مثلما اقول انا )
وقلت لها ابي يريدكم
دخلت اختي مرتديه عبائتها لانها كانت ستأتي عندي مع ابنتي لولا طلب ابي لهم
قالت اخذت ليال من يد ابي ثم ما امسكتها الا وابي يسقط ويشير بيده على المكيف ويومئ بان اغلقيه
تقول اسرعت واغلقته واخذت بالصراخ على امي وخالتي واختي وجاء الجميع وابي قد تمدد
وجئتي انتي وخالي واخي وزوجك في نفس اللحظه التي سقط فيها ابي
صدم الجميع بخبر موته
فعمي يقول في يوم الخميس اتانا كعادته ولكنه غير نشيط وملامحه يكسوها الحزن واخذ يتحدث عن اخي
وعن مستقبله وانه يريد ان يزوجه ومن تلك الامور التي تهم الاباء
واخذ يسال عن فلان وفلان بشوق للسلام عليهم
وحمد الله انه لقي فلان في المسجد قبل قليل وسلم عليه فهو لم يراه منذ زمن
كانت كلاماته كلها من هذا القبيل
وانه اتصل عليه في يوم وفاته الصباح الباكر على غير عاده وقال له سلم على اهلك واولادك وقل لهم
ان يسامحوني
قال ضحكت وقلت مما يسامحوك ماذا صنعت لهم غير الخير
قاطعني وقال وانت مايضيرك قل لهم ذلك وحسب
قال قلت له حاضر
واهل الحي يقولون انه بعد صلاة العشاء اخذ كم رجل بالحديث في المال وضيق اليد ونهرهم
ابي عن حديثهم وصخطهم هذا في بيت من بيوت الله بالرغم من كون ابي رجل امي لم يدرس قط
يقول الكل صمت مستغربا فهو جار لم يسمع صوته في مكان في الحي ابدا
كيف لا وقد كرمته جماعة المسجد في رمضان بطيب الخلق ونقاء السريره وحسن معاملة الجار
وطيب المعشر فبالرغم من تلك السنون التي قضاها في الحي الا انه لم يخطئ في حق احد قط
ولم يرى في مكان قط غير المسجد وبيته وصديقه في الحي
ومن ثم بعد نهره لهم قام بمصافحت الجميع في المسجد
على غير عاده وبالذات انه قد صلى معهم كل الفروض اليوم فقد استغربوا تلك الفعله لانه
لايوجد احد غريب وقد كان السلام بعد صلاة الفجر فما حاجته للسلام مرة اخرى
ويقول امام الحي بانه عند السلام عليه قال له انت افضل امام هنا والله انك رجل مخلص ومجتهد
وتستحق كل الاجر والثواب والخير على ما تفعله للحي واهله فجزيت خيرا باذن الله
يقول شكرته واثنيت عليه ايضا فقد كان نعم الجار
وقال جار لنا اخر انه بعد ان خرجنا من المسجد وفي طريقا الى منازلنا تلاقت اعيننا
ولوح لي بيده يودعني فلوحت انا ايضا له ودخلنا منازلنا
وفي جواله وجدنا سلسلة اتصالات في عصرا ذلك اليوم على الكثير والكثير من الاهل والاصدقاء
سبحان الله كيف ودع الجميع ولم يقدر على توديعا نحن بناته وزوجته واخي
والله لقد اشفق علينا لانه يعلم بحبنا الشديد له ويعلم بحسرتنا عليه وافعالنا حين يذهب الى البحر
او الى السفر اوالى اي مكان فقد عودنا على غيابه مما جعل حبه مزلزلا داخلنا وجعلنا لانفتر من
قوة الشوق اليه حتى وهو بجوارنا ومعنا
فقد سلبه البحر منا سنوات وسنوات
نحظى فيها بيومين نراه فيها من كل اسبوع
لقد اشتقناه واشتقناه واشتقناه حتى مزع الشوق فتات قلوبنا
فطوبى لتلك النفس المؤمنه الطاهره التى فارقت غثاءالعيش الى ديار الخلد والنعيم الدائم
طوبى لابن اشتاق حضن والديه ولصهر بكى لموت والدي زوجته طوبى للقائكم بعد طول فراق
وصبرا وجبرا لقلوبنا بعد الفراق
(( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي ))
(( إن لـ لله ما أخذ وله ما أعطي، وكل شيء عنده بأجل مسمي فلتصبر ولتحتسب))
واخر ما اقوله عن ذلك اليوم الذي ودعت فيه سندي وازري
اللهم اغفر لابي ... اللهم اغفر له وارحمه..وعافه واعف عنه..واكرم نزله .. ووسع مدخله..
واغسله بالماء والثلج والبرد..ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض..
اللهم جازه بالحسنات إحسانا.. وبالسيئات عفواً وغفرانا..
اللهم أنزل على قبره الضياء والنور..والفسحة والفرح والسرور..اللهم أنزل عليهم بردا وسلاما..
اللهم انقله برحمتك من عتمة القبور..لى نور وسعة الدور والقصور
ومن ضيق اللحود الى جناتك جنات الخلود ..في سدر مخضود..وطلح منضود.. وظل ممدود..وماء مسكوب..
وفاكهة كثيرة..لا مقطوعة ولا ممنوعة..وفرش مرفوعة .. اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة ..
اللهم بيض وجهه..ويمّن كتابه..ويسر حسابه..وليّن ترابه..وطيب ثراه..وثبتهم على الصراط..
اللهم اجعل مروره على الصراط كالبرق الخاطف.. اللهم اظله تحت ظل عرشك.. يوم لاظل إلاّ ظلك ولا باقٍ إلاّ وجهك..
ولا تحرمه النظر إلى وجهك الكريم..والشوق إلى لقائك.. اللهم احشره تحت لواء نبيك محمد صلى الله عليه وسلم..
واسقه من يده الشريفة الطاهرة.. شربة هنيئة مريئة..لايظمئ بعدها أبدا..
وبلغه شفاعة الحبيب المصطفى.. اللهم اجعل القرآن العظيم شفيعا له في قبره..وشاهدا له في الآخرة..
وحجة له يارب العالمين..
اللهم اجعله من السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب..
اللهم اسكنه في الفردوس الأعلى من الجنة مع نبينا و حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم..
اللهم اسكنه في قصورها..واسقه من أنهارها.. وأطعمه من ثمارها..
اللهم اخرجه من ذنوبه كيوم ولدتهم أمهاتهم..واعتق رقابهم من النار..اللهم اقض عنه كل دين..
اللهم أبدله دارا أخير من داره .. وصحبا خير من صحبه ..
واجمعنا به في الفردوس الأعلى من الجنة .. برحمتك يا أرحم الراحمين
اللهم آمين اللهم آمين
